الأربعاء، 6 يوليو 2016

الزوجة السعودية بين بيت أهلها وبيت الزوجية اليكم الفرق


يمضي عدد من زوجات هذا الجيل كثيراً من الوقت في بيوت أهلهن، فتجد الزوجة تأتي في الأسبوع عدة مرات إلى جانب أنها تقضي نهاية عطلة الأسبوع عند والديها الأعزاء، بينما ترسل زوجها لأهله. فحال هذه الزوجة في بيتها حال من يمسك أنفاسه وكأنه مكره على البقاء، فالزوجة تبقى طوال الوقت وهي في حال ضيق وتبرم حتى تأتي عطلة نهاية الأسبوع فتهرب مسرعة لحضن والدتها وكأنها لا تزال تلك الطفلة التي لم تبتعد عن رحم الأم.


يفضل هذا الصنف من الزوجات إبقاء غرفهن في بيوت أهلهن كما هي، بل يزدن عليها خزانة ملابس أطفالهن بحيث يكون كل شئ جاهزا حينما يأتون للعيش لأيام متتالية في المنزل. وحينما يسألها أحد أقاربها عن السر وراء زياراتها المتكررة ومكوثها بعيدا عن زوجها باليومين والثلاثة ويزيد عن ذلك أحيانا تبدأ بالتبرم وتتحجج بالمرض أو الزهق من الحياة أو الشوق لأهلها أوشئ آخر يخرجها من حرج السؤال.

والتبرير السائد عند كثير من الزوجات هو أنها تمارس هذا السلوك براً بوالدتها أو بوالديها كليهما وكأنها تفضل أن تصلهما على أن تصل زوجها، وتغضب إذا عاتبها الزوج بسبب غيابها عن المنزل متهمة الزوج بأنه يريدها أن تعق والديها عن طريق البقاء في بيته! ورغم أن الزوج لا يطالبها بقطع صلتها بأهلها، ولكن بعض الزوجات تقول ذلك مبالغة وتحريضا للذات على الاستمرار في السلوك.

ولو تأملنا بعض القصص الواقعية لزوجات دمرن بيوتهن بسبب التصاقهن الدائم بأهلهن وإهمالهن للزوج لتبين لنا الفهم الخاص للحياة الزوجية عند صنف من الزوجات. تقول إحدى المطلقات إنها تبحث عن زوج يخاف الله فيها ولا يعترض على بقائها عند أمها طوال آخر ثلاثة أيام: الأربعاء والخميس والجمعة أسبوعيا، وأنه يجب ألا يغضب من ذلك كما فعل زوجها السابق الذي طلقها -رغم وجود طفل بينهما- بعد إصرارها على السفر أسبوعيا من المنطقة الشرقية إلى أمها في الرياض والبقاء عدة أيام. وترى أن ذلك الزوج (السابق) لم يخف الله فيها لأنه يريدها أن تعقّ والديها فلا يسمح لها أن تزور أمها إلا مرة واحدة فقط كل أسبوعين!

ومن الواضح أن صاحبة القصة وهي تبحث عن زوج جديد لم تتعلم الدرس من حياتها الزوجية السابقة، فتشترط الآن أن تجمع بين الزواج وبين البقاء عند أهلها فترة طويلة من كل أسبوع، ولا أعتقد أن هناك زوجا في حالة طبيعية يمكن أن يرضى بهذا الشرط إلا أن يكون مشغولا بزوجة أخرى أو بدراسة أو عمل أو بمرض، وهذا الصنف من الأزواج إن وجد فإنه قليل وقبوله بهذا الشرط قد يكون مؤقتا. ولهذا يبدو أن هذه السيدة سوف تكرر أخطاءها مرة أخرى وأخرى لأنها رهينة نمط معين من التفكير والتربية يصعب تخليصها منه.

وهذه قصة أخرى تشتكي فيها إحدى المتزوجات حديثا أن زوجها لا يهتم بها، وحينما صارحته بذلك بيّن لها أن السبب هو أنه يشعر أنه لم يتزوج لأنها (يقصد زوجته) تقضي نهاية كل أسبوع عند أهلها، بينما هو مازال لا يعرف طعم العطلة مع زوجته ولم يقض معها وقتا كافيا ليتعود على الحياة معها.

والواقع أن كثيرا من الفتيات يحلمن بدخول عالم الزوجية حتى تكسب الواحدة منهن نوعا من الاعتراف الاجتماعي بها لكونها أصبحت زوجة وصاحبة بيت. ولكن هذا الوله على الزواج ليس في الغالب سوى شغف غير مدروس، فهو نتيجة غيرة من زواج صديقاتها وقريباتها قبلها أو لرغبة جامحة في تغيير حياتها كلية، وبعضهن يتخذن من الزواج وسيلة للبحث عن الحرية والاستقلالية لتلبس ما تريد أو ربما لتقعد في المقعد الأمامي للسيارة كما تروي بعض النكت!

ومهما كان السبب فإن هذا النوع من الفتيات لا يعير اهتماما كبيرا لماهيّة الحياة الزوجية والمسؤوليات التي سوف يعشنها بالاعتناء بالبيت والزوج نفسيا وحسيا. وقبل هذا لا يتمتعن بميزات نفسية تؤهلهن لتكوين حياة مستقلة مع شاب يبحث هو الآخر عن شريكة تعاونه وتسانده لا من تزيده هما وتعقّد حياته وترميه بمشكلات لا تفهم كيف تحلها، فتهرع لكل من تعرف وتخبره بأسرار بيتها حتى تأخذ رأيا يساعدها على حل مشكلتها؛ وفي النهاية بعد أن تكثر عليها الآراء تسقط في مشكلة أخرى فهي لا تعرف أي الآراء تختار!

أتوقع أن "جدية الزواج" أصبحت أمرا كلاسيكيا إلى درجة كبيرة هذه الأيام، فليس كل فتاة أو شاب مقبل على الزواج هو بالفعل جدير به؛ والدليل على ذلك الارتفاع الكبير في نسبة الطلاق في السعودية والتي توضح بشكل كبير انحسار قدسية هذه العلاقة وتساهل الكثير من السعوديين في فكها، على عكس ما كان يحصل في الأجيال السابقة. من الممكن أن نقول إن المرأة في الماضي كانت تقدس بيت الزوجية أكثر، فهي حينما تتزوج تفهم أن لها بيتاً عليها حمايته ورعايته. ولكن القول نفسه يمكن عرضه فيما يخص الرجل الذي يبدو أنه كان أكثر جدية وحكمة ورزانة عن الحال الآن.

وعلى أي حال يمكن لنا أن نختبر هذه "الفرضية" من خلال الحالات التي نشاهدها أو نسمعها في الحياة اليومية. تقول إحدى النساء: "الرجال راحوا"، في إشارة واضحة إلى أنها لا تعتقد أن الأجيال الجديدة من الرجال تحمل صفات رجولية كما كان الوضع عليه في الماضي من شهامة في التعامل مع المرأة وعدم ضيمها والتضييق عليها كما يحصل مع الرجال الآن. فما الذي يدفع الرجل أن يطلق زوجته وهو يعرف تماما أنه بهذا يقضي عليها اجتماعيا ونفسيا؟

إن رأي هذه المرأة مبالغ فيه -نوعا ما- في وصف الرجال كلهم بأنهم الآن يفتقدون إلى صفات الرجولة؛ لأن كل جيل يحمل صفات الخير والشر والبركة والنقمة والنقص..إلخ. ومع هذا فإن التساؤل مطروح عن سبب التغير الاجتماعي لدينا لدرجة أن المرأة تهرب من بيتها بكل سهولة والزوج لا يقدس بيت الزوجية ولا يدافع عنه بما فيه الكفاية، مما يهيئ الفرصة للطلاق وهدم بيت الزوجية من أول هبة ريح قد تعصف عليه!

إن غياب الزوجة عن بيتها باليومين والثلاثة وهي متناسية تماما حق زوجها عليها يبين أنها ليست فقط جاهلة بالحياة الزوجية واشتراطاتها ومتطلبات العيش فيها، بل كذلك ينقصها التعرف على دينها الذي يأمرها بأن تعتني بزوجها وتحترم بيت الزوجية. وبدلا من أن تتخذ من الدين داعما لها في بناء زواج ناجح نجد بعضهن تفهمه بشكل معاكس يؤيد بقاءها عند أهلها. فصار بيت الأهل ليس فقط مصحة نفسية للفتاة، بل هو كذلك مستشفى فتجد الزوجة إن مرضت حتى لو أصابها زكام بسيط رتبت شنطتها المجهزة سلفا وذهبت لبيت أهلها لتأخذها فترة نقاهة، بل إنها ربما تتظاهر بالعجز والمرض كلما زارها زوجها حتى يتركها تجلس لفترة أطول!

والعجيب أن كثيرا من هؤلاء الزوجات تشترط بيت زوجية قبل أن تتزوج، وهو من حقها في الشرع، لكنها للأسف حينما تحصل عليه لا تحلله ببقائها فيه!

يمكن القول إن المرأة التي تنام خارج بيتها لم تنظر للجوانب المترتبة على ترك زوجها من إشعار له بعدم أهمية البقاء معه مقابل البقاء في كنف أهلها؛ ولهذا فإن زوجها حينما يتنازل عن وجودها معه ولو لأيام قليلة؛ فذلك يشير إلى عدم اكتراثه بها أو لشعوره بقلة جدواها له أو على الأقل لديه الاستعداد للاستغناء عنها لمدة قصيرة أو طويلة. وهذه المشاعر حينما تتراكم مع الزمن وتتأكد تصبح الحياة الزوجية مجرد عادة سلوكية تفقد طعمها وتوهجها وتجعلها عرضة للانتكاس في أية لحظة.

وبصفة عامة يبدو أن عزوف تلك الزوجات عن بيوتهن إما بسبب عدم وجود علاقة حب مع الزوج، أو بسبب انعدام الحس بالزواج لدى المرأة، فتجد الواحدة منهن تتزوج وهي لا تزال عديمة المسؤولية وتبحث عمن ينقذها من مصاعب الحياة، الزواج لهذه الأصناف لا يعدو كونه مجرد مشهد رومانسي على شاطئ بحر ما أو رواية ملتهبة قرأن عنها تعبر عن خيال كاتب وينتهي على ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق